التاسع والعشرين من تشرين الثاني هو بالأساس ذكرى صدور قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة لأمم المتحدة ذلك القرار الذي نص على إقامة دولتين واحد عربية يعيش فيه بضعة الآلاف من اليهود وأخرى يهودية يعيش فها ما يزيد عن مئة وعشرين ألفا من العرب أصحاب البلاد الأصليين، ذلك القرار الذي شهد جدلا كبيرا في أوساط القيادات السياسية للشعب الفلسطيني فقط وحدها عصبة التحرر الوطني الفلسطيني قبلت به رغم إجحافه واعتبرته أفضل أسوأ الحلول المطروحة، وبرؤيتها الاستشرافية رأت أن البديل عن ذلك هو ضياع كل فلسطين واستندت في رؤيتها تلك على حجم الدعم الغير المسبوق للحركة الصهيونية من دول الاستعمار العالمي إلى جانب تواطىء واضح من قبل الأنظمة العربية أنذاك وقد رفضت الدول العربية كافة ومعها القيادة التقليدية الفلسطينية ذلك القرار في حينه.
واشتدت الحرب على فلسطين وأهلها فشرد شعبنا وتحول بمعظمه إلى لاجئين واستندت إسرائيل الدولة الغاصبة إلى ذلك القرار وأعلنت قيام دولتها،واستخدمت كل الوسائل الوحشية لتحرم شعبنا من تنفيذ الشق الأخر من القرار المتمثل بإقامة دولة لشعبنا الفلسطيني على ما يزيد من 47% من أراضي فلسطين التاريخية، ومنذ ذلك الحين تصر إسرائيل على التمسك بحقها الغير عادل وترفض في نفس الوقت الإقرار بحق شعبنا في إقامة دولته رغم إن القرار 181 الذي تستند عليه منشئ لدولتين بالأساس، ورغم الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا وما سعت له إسرائيل والقوى الحليفة لها من شطب لقضية شعبنا واعتباره شعبا غير موجود إلا انه استطاع رغم الصعاب إن يخوض كفاحا عنيدا استخدم فيه كافة الوسائل والأساليب التي تجيزها الشرعية الدولية لإعادة قضيته إلى صدارة جدول الأعمال في العالم وحقق كيانه المعنوي وشخصيته الوطنية المستقلة ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد وكسب بإصراره دعم وتأييد شعوب العالم إلى جانب قضيته واستطاع من خلال ممثله الشرعي الوصول إلى منبر الجمعية العامة للأمم المت حدة ويحظى باعترافها وقد عبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دعمها هذا في قرارها الذي اتخذته يوم العاشر من تشرين الثاني عام 1975 واعتبرت يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني كل عام يوما للتضامن مع شعبنا الفلسطيني وأنشئت لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقة الغير قابلة للتصرف حسب القرار 3236 وأكدت على ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية خاصة الفقرتين (أ ـ ب )من القرار المذكور والتي تنصان على ما يلي :.
* تؤكد الجمعية العامة للأمم المتحدة من جديد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف خصوصا.
أ – الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
ب- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنية.
كما أكدت في قرارها على حق شعبنا غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها طبقا للقرار 194.
بمعنى أخرى إن الجمعية العامة للأمم المتحدة وبدعم من حلفاء وأصدقاء شعبنا حولت يوم التاسع والعشرين من هذا الشهر إلي يوم للتضامن مع شعبنا الفلسطيني بعد أن إرادته إسرائيل وحلفائها يوما للانقضاض على حقوقنا وتصفية القضية الوطنية برمتها.
في هذه الأيام يحي شعبنا هذه المناسبة وهو يتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي مازال مستمرا لأكثر من ستين عاما وحصار ظالم وحملات متواصلة من الاستيطان في ظل إسرائيل لرفضها الانصياع لقرارات الشرعية الدولية الداعية لإنصاف شعبنا وتمكينه من تقرير مصيره واستعادة حقوقه ألمشروعه، في هذا اليوم التاريخي الهام تتجدد حاجة لشعبنا لمزيد من الدعم والتأييد من كافة الأصدقاء والأحرار وكل الشعوب المحبة للعدل والسلام في العالم للوقوف إلى جانبه ودعم نضاله العادل من اجل استيراد حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وفقا لما قررته الشرعية الدولية وحق لاجئيه بالعودة طبقا للقرار 194.
في هذا اليوم الهام ونحن نتطلع لدعم العالم وشعوبه لكفاح شعبنا العادل وندعوه للتضامن معنا نتطلع لأن تقف متضامنون مع أنفسنا وهذا يتحقق فقط من خلال إنهاء الانقسام الحاد الذي أصاب الوحدة الوطنية الفلسطينية وأدى إلى تراجع المشروع الوطني و تدهور في م كانة القضية الفلسطينية على كافة الصعد، ووضع أصدقائنا وحلفائنا في موقع الحرج حتى من التحالف معنا، في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني نجدد الدعوة للاحتكام للغة العقل والعودة لطاولة الحوار باعتباره الطريق الوحيدة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.