كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرا، عن استخدام إسرائيل للقنابل الفسفورية ( الفوسفورية ) أثناء عدوانها الغاشم على غزة، وقد عزز ذلك الصور البشعة التي بثتها القنوات التلفزيونية لعشرات الفلسطينيين المصابين بحروق خطيرة بسبب القصف الإسرائيلي للمدنيين في غزة، والتي تنجم عن تلك القنابل الخطيرة التي يتم استخدامها لإلحاق أكبر الضرر بالسكان والمدنيين وبما يتناقض مع المواثيق والعهود الدولية، وخصوصا معاهدة جنيف التي حظرت استخدام مثل تلك القنابل الفتاكة.
اكتشاف الفسفور
يعود اكتشاف الفسفور إلى عام 1669، حيث تمكن الكيميائي الألماني هينج براند Henning Brand من التعرف عليه أثناء بحثه عن حجر الفلاسفة، في مركب ميتافسفات الصوديوم واختزاله بالكربون، تم تمكن الباحث شيل من تحضير الفسفور من فسفات الكالسيوم، وقد أطلق عليه الاسم اليوناني Phosphorus والذي يعني المادة المحدثة للضوء، إذ يشع الضوء في الظلام بسبب تأكسده السريع.
احد خامات الفسفور
ويتميز الفسفور بنشاطه الكيميائي الشديد، لذلك لا يوجد بشكل منفرد في الطبيعة، ومن أهم خاماته معدن الاباتيت الفلوري، والفوسفوريت، وفوسفات الحديد الثنائي، والتي توجد في العديد من المناطق في العالم ومن أهمها، روسيا والمغرب والأردن والولايات المتحدة الأمريكية وفي قاع المحيط الأطلسي مقابل شواطئ ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، كما يدخل الفسفور في أجسام الكائنات الحية الحيوانية والنباتية.
الأشكال التآصلية للفسفور
يتميز الفسفور بالعديد من الأشكال التآصلية، ومن أهمها الفسفور الأبيض، والفسفور الأحمر، والفسفور الأسود.
يتم تحضير الفسفور الأبيض، عن طريق تسخين مزيج من الصخور الفوسفاتية والسيليكا والكوك إلى ما يقارب 1300 درجة سلسيوس في فرن كهربائي، ويمرر البخار الناتج عبر الماء، مما يؤدي إلى تكثف الفسفور البيض والذي يميل قليلا إلى الصفرة، ويتسم بليونته ورائحته التي تشبه رائحة الثوم، وهو سام ويشتعل على درجة 34 درجة سلسيوس، كما انه نشط كيميائيا حيث يتفاعل بسرعة مع كل من، الأوكسجين و القلويات والهالوجينات والمعادن والأحماض.
أما الفسفور الأحمر، فيحضر بتسخين الفسفور الأبيض إلى درجة 350 سلسيوس أو تعريضه للأشعة فوق البنفسجية، ويتميز بأنه أقل نشاطا من الفسفور الأبيض وغير سام نسبيا، ومستقر، ولا يتفاعل مع الهالوجينات أو الأوكسجين عند درجة الحرارة العادية، أما الفسفور الأسود، فيحضر كما يحضر الفسفور الأحمر، إلا انه يتم في الفسفور الأسود التسخين مع استخدام ضغط عال لمدة تصل إلى ثمانية أيام بوجود عامل مساعد كالزئبق، ويتكون هذا الشكل التآصلي من الفسفور من طبقات عديدة وترتبط ذرات الفسفور الموجودة في كل طبقة من هذه الطبقات ببعضها البعض بواسطة روابط تساهمية، لكن التجاذب بين الطبقات ضعيف وهي ترتبط بقوى لندن الضعيفة جدا، وهذا يؤدي إلى جعل مظهره رقيقا مشابها للجرافيت، كما يتميز الفسفور الأسود بقدرته على نقل التيار الكهربائي.
الاستخدامات السلمية للفسفور
يدخل الفسفور في الكثير من الصناعات الكيميائية الهامة، كصناعة البلاستيك والأسمدة والأدوية، كما يستخدم في صناعة كل من المبيدات الحشرية، والصلب، وتحضير المنظفات، ومزيل لعسرة الماء، وفي المصابيح الكهربائية المتوهجة، وفي صناعة حامض الفسفوريك.
الفسفور الأحمر يستخدم في صناعة المواد والأدوات الحارقة، كالالعاب النارية والمشاعل وأعواد الثقاب والأسطح التي تحتك بها تلك الأعواد.
الاستخدامات العسكرية للفسفور الأبيض والأحمر
استعمل الفسفور في القرن التاسع عشر من قبل الايرلنديين، كمادة سامة وحارقة للقضاء على الأعداء، وفي عام 1916 صنعت بريطانيا أول قنبلة فسفورية، ثم استخدم إبان الحرب العالمية الثانية من قبل القوات الأمريكية لإلحاق الضرر بقوات المحور، ثم استخدمته أمريكا أثناء الحرب الفيتنامية للقضاء على الثوار، وقد استعملته القوات الإسرائيلية في عام 1982 أثناء اجتياحها للبنان، كما استعملته إبان حرب تموز2006، وها هي الآن تستخدمه في عدوانها على غزة في عام 2008- 2009 .
الفسفور يشتعل في السماء وينشر الموت على الأرض
وتعتبر القنابل الفسفورية، نوعا من أنواع الأسلحة الكيميائية الخطيرة، حيث يشتعل الفسفور الأبيض لدى تعرضه للهواء وينتج ثالث و خامس أكسيد الفسفور وحرارة كبيرة وانفجار هائل ودخان كثيف، ولدى ملامسته للأفراد، يحدث حروق عميقة وخطيرة في الجلد مع ألآم مبرحة وموت كامل للأعضاء المصابة، ومما يزيد من خطورته، قدرته العالية على الذوبان في الدهون والنفاذ السريع إلى داخل جسم المصاب وإكمال تفاعله واحتراقه داخل الجسم.
مقطع طولي لقذيفة فسفورية
مخاطر القنابل الفسفورية
تتميز القنابل الفسفورية، بقدرتها العالية على إلحاق الضرر البليغ بالأفراد، حيث تستخدم للقتل والإبادة الجماعية، سواء كان ذلك عن طريق دخول الفسفور إلى أجسام الضحايا أو لمسه لهم، أي عن طريق الجهاز التنفسي، أو عن طريق الفم، أو عن طريق ملامسته للعيون والأغشية المخاطية والجلد.
وتعتبر الحروق التي تحدثها القنابل الفسفورية في أجساد الضحايا، من الحروق الخطيرة والعميقة والمميتة، ونظرا لتميز تلك الحروق، تستطيع الفرق الطبية معرفة أن مصدر تلك الحروق، هي القنابل الفسفورية بالتحديد.
كما تلحق القنابل الفسفورية أضرارا كبيرة بالكثير من أجهزة أجسام الضحايا الحيوية، كالقلب والكبد والكليتين والرئتين والقصبات الهوائية.
ولدى تعرض الشخص للفسفور، ينبغي إبعاده بسرعة عن مكان الحادث، وإزالة الفسفور العالق بالجسم فورا بطريقة ميكانيكية دون لمسه باليد، كما يستعمل محلول البيكربونات بشكل موضعي لمعادلة تأثير حامض الفسفوريك الحارق للأنسجة، وتلقي العلاج المناسب في المركز الصحي المتخصص.