عندما تمتلك التكنولوجيا فأنت مسيطر على العالم، هذه ليست عبارة إنشائية لا محل لها من الإعراب وإنما هي حقيقة واقعة، ففي الآونة الأخيرة بدأت العديد من الدول المتقدمة المالكة للتكنولوجيا الحديثة في تطويعها لتحقيق هذا الهدف، إلا أن ذلك لم يمنع الدول الأخرى من الاستفادة من هذا التقدم التقني لخدمة أهداف عسكرية تنذر بإشعال المزيد من الحروب، لترتد سهام المواقع الالكترونية إلى صدر الدول التي أطلقتها ، لتصبح التكنولوجيا سلاحا يشهره كل طرف في وجه الآخر.
أتاح برنامج "جوجل إيرث googl earth" الشهير الموجود على الإنترنت والذي جعل الدول كتاباً مفتوحاً، - من خلال عرض صور للكرة الأرضية وخرائط الدول بتفاصيل دقيقة جدًا تصل إلى حد عرض أسماء الشوارع والحواري والأزقة بأسمائها الشعبية أحيانًا- تحديد الأماكن بسهولة كبيرة ودقة متناهية وبسرعة فائقة، فما على مستخدم البرنامج سوى الضغط على منطقة ذات دلالة معينة، وحينئذ ستنبثق إحدى نوافذ ديسكفري التي تضم روابط لكل ملفات الفيديو ومعلومات الموسوعة حول هذه المنطقة، وعرض صور لها بما فيها المناطق العسكرية أيضا، وهي الخدمة التي أحدثت هزة في العالم نتيجة خوضها في المحظور، وانتهاك خصوصية الدول، وربما خدمة الإرهابيين لمراقبة العالم عبر الإنترنت.
رعب في إسرائيل
وكانت شركة جوجل الأمريكية قد طرحت هذا البرنامج بهدف تزويد مستخدميها بمعلومات جغرافية، ومساعدة السائحين والمسافرين على معرفة البلاد التي يتوجهون إليها.
ولكن ما حدث بعد ذلك أن سلك هذا البرنامج طريقًا لم يتم التخطيط له من البداية، حيث دخل في مجال الاستخدام العسكري وكشف مناطق أمنية كانت في السابق سرية للغاية، وهو ما أثار الرعب في إسرائيل وفقًا لتقرير صحفي في صحيفة يديعوت إحرونوت الإسرائيلية، حينما أشار إلى أن هذا البرنامج المطور الذي يتضمن أرشيفًا لصور ملتقطة بالأقمار الصناعية، يكشف مواقع عسكرية وأمنية إسرائيلية هامة.
وحذرت الصحيفة من أن البرنامج جعل من هذه المواقع أهدافا سهلة محتملة لمن يريد مهاجمتها، مضيفة أن جوجل طورت صور الأقمار الصناعية الخاصة بإسرائيل، وضاعفت تقريبًا من درجة وضوحها ودقتها خلال الأيام الأخيرة.
ووصفت الصحيفة البرنامج بأنه يمثل "نقطة قوة" للدول الأعداء على حد تعبيرها، و"كنزا" للفصائل المسلحة، وأشارت إلى أن الصور تتكون من بيكسل واحد لكل مترين مربعين مقارنة بالصور السابقة التي تتكون من بيكسل واحد لكل 10-20 مترًا مربعًا على الأرض.
ومن بين المواقع البالغة الحساسية الممكن رؤيتها تفصيلاً مقر وزارة الدفاع في "تل أبيب"، وقواعد أساسية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، والمفاعل النووي السري المثير للجدل في مدينة "ديمونة" بالصحراء الجنوبية، كما تعرف مستخدمو النت على موقع سري آخر ترددت مزاعم أنه مقر وكالة الموساد للاستخبارات الإٍسرائيلية.
استخدام مشروع
وفى سياق متصل أظهر تقرير إخباري آخر نشر في جريدة تليجراف البريطانية، أن المقاومة في العراق تستخدم هذا البرنامج لتنفيذ هجمات ضد المعسكرات البريطانية والأمريكية.
وهذه المعلومات لم تأت من فراغ ولكن تم اكتشافها من خلال مستندات تم العثور عليها أثناء مهاجمة عدد من المنازل التي كان يختبئ فيها المسلحون.
وأشارت الصحيفة استنادًا إلى دوائر استخباراتية أن عناصر المقاومة قد استخدمت برنامج جوجل إيرث في تحديد المناطق المستهدفة، ويظهر ذلك جليًا في الصور التي تم العثور عليها والتي تظهر محيط مدينة البصرة الجنوبية، وكانت تحتوي على مبانٍي تفصيلية داخل المعسكر البريطاني، بالإضافة إلى أهداف يمكن قصفها مثل الخيام وأماكن الغسيل والمراحيض، كما أن خطوط الطول ودوائر العرض لهذه الأهداف كانت محددة على ظهر الصور.
وأوضح ضابط مخابرات بريطاني في تصريحات أوردتها الجريدة أنهم يستخدمون برنامج "جوجل إيرث" لتحديد أكثر الأهداف سهولة ، وأن المعسكرات البريطانية في البصرة تتعرض بشكل يومي تقريبًا لقذائف الهاون بفضل هذا البرنامج.
عن محيط