[size=16]سلاح النفط.. كان من أقوى أسلحة العرب في حرب أكتوبر 1973 -حين قرر العرب أن يستخدموه لمواجهة إسرائيل- من خلال فرض حظر نفطي على الدول الداعمة لها، مما وضع القضايا العربية في محط اهتمام العالم، ودفع عددًا من الدول للتدخل لعقد الاتفاقيات؛ بل وكان من أهم الإيجابيات لاستخدامه كسلاح ضغط هو ارتفاع سعره.
ربما يكون ذلك الاستدعاء ضروريا في الحرب الدائرة على غزة، حيث تعالت الأصوات مطالبة باستخدام النفط كسلاح ضغط على غرار ما حدث في حرب أكتوبر، إلا أن توقعات الخبراء وضعت الأزمة المالية وانخفاض سعر النفط كقيود تمنعه من القيام بمثل هذا الدور.
وينفي ممدوح الولي مدير القسم الاقتصادي بجريدة الأهرام المصرية إمكانية استخدام النفط كسلاح في ظل الأزمة المالية التي أدت لتراجع استخدامه، حيث توقف الكثير من المصانع، بالإضافة إلى تراجع شركات السيارات في أمريكا مما أدى إلى انخفاض الطلب على الوقود، حتى انخفض سعره من 147 دولارا عام 2007 إلى 45 دولارا عام 2008.
ويعتقد د. مجدي صبحي -الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- أنه من الصعب أن نعول على اجتماع العرب على خطوة استخدام سلاح النفط؛ لأننا نفتقد للتخطيط في خطواتنا، ولا أعتقد أن العرب مؤهلون لمثل هذه الخطوة الآن.
سلاح السيولة
في الوقت الذي يبلغ فيه حجم الاستثمارات العربية في الخارج 14 تريليون دولار وفقا لتصريحات حمدي الطحان، رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب، تخيل البعض أن سحب الاستثمارات العربية من الخارج قد يكون سلاحا للضغط على أمريكا، خصوصا مع أزمة السيولة التي نعاني منها حاليا، ولكن أين تذهب هذه الأموال وأغلب المجتمعات العربية مجتمعات غير تنموية تفتقد لمقومات الصناعة الأساسية؟ هكذا يتساءل د. سامر سليمان أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بمصر، حيث يرى أننا نعيش داخل نظم غير تنموية ريعية تقوم على تصدير النفط واستثمار عائداته في الخارج وليس لدينا إنتاج أو صناعة حقيقية.
ويرى الولي أن السيولة سلاح بلا جدوى؛ لأن قيمة الاستثمارات العربية في الخارج انخفضت بشكل كبير بسبب تراجع البورصات عام 2008، حيث وصل الانخفاض في القيمة ببعض البورصات إلى 48%، كما انخفضت الفائدة على الودائع حتى وصلت في لندن 2%. مما يعني عدم تأثر تلك الدول بسحب الأموال العربية منها في الوقت الحالي.
المقاطعة الشعبية
ومع فشل أسلحة الثروة يرى ممدوح الولي أن الوسيلة الأنجع هي المقاطعة الشعبية للسلع الأجنبية خصوصا الأمريكية والأوربية ويؤكد على أنها شعبية لدخول أغلب الدول العربية في اتفاقيات تجارة تمنع الدخول رسميا في مقاطعة لسلع دولة.
وتعتبر المقاطعة للمنتجات قوة ضاغطة على اقتصاديات تلك الدول في ظل التسريح الوظيفي وارتفاع نسبة البطالة وتراجع الصادرات الذي تسببت فيه الأزمة المالية العالمية. مما يشكل ضغطا على الحكومات لإيجاد موقف مساند لقضايا الدول العربية، ويعتقد الولي أن 6 أشهر من المقاطعة الحقيقة كافية جدا لجعل العالم كله يعاني من أزمة.
ويتفق معه د. أحمد النجار في مقاله تحت عنوان: "كيف يضغط العرب لنصرة فلسطين" بجريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 8 يناير 2009، حيث يدعو إلى تصعيد الحملة الفعلية والإعلامية بشأن المقاطعة الاقتصادية الشعبية العربية لكل ما هو إسرائيلي وأمريكي، ويعتبرها أحد الأسلحة التي تملكها الشعوب العربية، ويراه أمرا ممكنا في ظل وجود بدائل عالمية لتلك السلع.
ويرد النجار على مزاعم البعض أن مقاطعة المنتجات الأمريكية من خلال فروعها المحلية، وكذا مقاطعة سلاسل المطاعم الأمريكية سيؤدي إلى خسائر، وربما تؤثر سلبيا على مصالح العاملين بأن وجود طلب محلي على هذا النوع من السلع أو الخدمات سيوجد طلبا موازيا على سلع وخدمات عربية مناظرة، بصورة تساعد على تعويض أي أضرار محلية، المهم أن تشعر الإدارة الأمريكية أن الشعوب العربية قررت معاقبتها على دعمها المطلق للكيان الصهيوني وتسليحه.
والعملات سلاح آخر
وأضاف النجار أنه يمكن للدول العربية أن تقدم دعما حقيقا للقضية من خلال إعلان جماعي تتبناه جامعة الدول العربية بتسوية كل معاملاتها البينية والدولية باليورو أو الفرنك السويسري أو الين أو أي عملة غير الدولار؛ حيث سيؤدي ذلك إلى إضرار نقدي ومالي لا تحتمله أمريكا المأزومة في الوقت الراهن.
ويضيف أنه يمكن الإعلان عن دراسة إجراءات التحول في تسعير النفط بالدولار إلى تسعيره بسلة عملات، كما يمكن للدول العربية أن تعلن في اجتماعها في القمة الاقتصادية التي تعقد هذا الشهر بالكويت تخصيص مجرد نصف دولار من كل برميل نفط لدعم القضية الفلسطينية فإن حصيلته ستكون ثلاثة ونصف مليار دولار سنويا يمكن توظيفها لبناء أسس القوة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي في فلسطين في مواجهة الكيان الصهيوني.
وبرغم اعتبار الخبير مجدي صبحي أن كل سلاح نفكر في استخدامه أمامه سلاح آخر سيستغل ضدنا، ويفترض أن نكون متقدمين اقتصاديا حتى نكون في منعة من أن يستخدم أي سلاح ضدنا، وبرغم أننا دول لا تصدر سوى البترول والغاز وتستورد كل شيء من الخارج، فإننا نعتمد على عدالة القضية ونملك الإرادة التي يمكننا بها تحويل كل نقاط قوتنا إلى أسلحة ماضية.
[/size]